عقوبة الحضري...تضخم و...لم يلد من الأصل

حالة من المبالغة الهيستيرية حدثت في مصر المحروسة، بسبب سفر «الحضري» إلي سويسرا، من أجل الحصول علي فرصة للاحتراف.. ولا أعلم علي وجه اليقين من الذي بدأ المبالغة المجنونة.. الجماهير الكروية أم الصحف، وكل منهما ولع في الآخر، وأغلب الظن أن البداية كانت في الصحافة، فهي دائماً تستجيب لاهتمامات الجماهير، وهذا هو الإعلام..
لكن في الكورة مافيش لا أحلي ولا أجمل ولا أروع من نجوم الكورة ومدربين الكورة وإدارات النوادي الكروية واتحاد الكورة وكل ما له علاقة بحاجة مدورة وبتجري.. ومانشيتات هؤلاء الأبطال الشعبيين وأخبارهم قادرة علي زيادة التوزيع أضعاف أضعاف أي مانشيتات أخري، حتي ولو كانت عن المصيلحي شخصياً ورغيفه المعجزة..
ولكن للأسف لم يتوقف الموضوع عند الإثارة والتوزيع، ولكنه تعدي وشطح ودخلنا في حالة من الهبل الرسمي، وأول الأشياء اللامعقولة أن تعلن رابطة مشجعي الأهلي، استعدادها للانتقام من الحضري بحرق وتدمير عربته الخاصة الموجودة في جراج منزله بمدينة نصر،
والمفروض أن هذه الرابطة هي المسؤولة عن ضرب وحرق مشجع الزمالك في مباراة كرة السلة منذ أسابيع قليلة، أي أنها رابطة بلطجية وسوابق وخارجة علي القانون، ولم أر في كل الصحف رداً من مسؤول وزير أو «غفير» أو حتي مخبر يقول للناس دي: عيب كده.. وأطلقت الصحف عناوين «هروب» الحضري،
وكأنه تاجر فراخ فاسدة أو من مشاهير المقترضين من البنوك، أو لص أو مختلس، وهذا في حد ذاته مزايدة ومبالغة غير معقولة، ولا منطقية وطبعاً كانت هذه الحادثة فرصة ذهبية للمحامي إياه اللي غاوي شهرة، ورايح جاي يرفع قضايا علي أي حد، شرط أن يكون من المشاهير، واتهم الحضري بالخيانة!!
كده «خيانة بلده مصر الحبيبة.. وخيانة مشاعر العرب والمصريين واستهانته برابطة الولاء والانتماء وفضل عليها الدولار والشيكل»، ولا أعرف إيه اللي دخل الشيكل في الموضوع وإن كنت أتوقع أن يتهمه بازدراء الأديان بالمرة، وفي هذه الحالة لا يهم الخلط ولا الهلفطة ولا اللامعقوليزم،
طالما ستنشر الصحف كلماته واسمه، وفي الصفحات الأولي، حتي إنه في نهاية اتهامه «طالب بإسقاط الجنسية المصرية العظيمة التي يتهافت عليها القاصي والداني عن الحضري الخائن». ولا عجب لأن محبي الشهرة لا يتحلون بالمنطق ولا العقل ولا حتي بشهادة معاملة أطفال، لكن العجب أن تنشر الصحف هذا اللغو حتي تزداد الشعللة مع جماهير الأهلي، التي من السهل جداً استثارتها،
حتي إن البعض تخوف من استقبال الحضري في المطار بالحجارة والبيض والسباب.. إلي هذا الحد ولعت الصحافة في عقول الجماهير الكروية حتي طارت في الهواء أكثر ما هي طايرة.
وعندما شاهدت الحضري في «البيت بيتك» أصابني الغيظ والغضب من كثرة ما واجهه هذا الشاب المجتهد الموهوب الرائع من اتهامات وتهديدات بالعقاب، ومن كثرة ما اضطر هو إلي تقديم الاعتذارات حتي إنه قبل عقاب أشاوس النادي الأهلي الحاكم بأمره،
بالتدريب مع الأشبال وكان فاضل ينصبوا له مشنقة في ملعب الكورة بالنادي الأهلي، حتي يكون عبرة لزملائه العبيد من لاعبي الكرة.. ما هذه المغالطات والافتراء؟!.. وإذا كان ملعب النادي الأهلي قد قدم الحضري كلاعب موهوب لجماهير الكرة، فالحضري أيضاً أعطي النادي الكثير جداً من جهده وصحته وأعصابه وحياته..
وهذا العطاء لا يساوي كل أموال الأهلي، فالحضري كان حارساً منيعاً ضد هزيمة فريقه، وأحد أعمدة الفريق وأهم أسباب انتصاراته الكروية، وأموال النادي الأهلي لا تصنع لاعباً مجتهداً ولا تضع في عقله وجسده الموهبة..
ومع تهديد إدارة النادي المتواصلة والمستفزة للحضري، تناست الجماهير أن الحضري لو احترف اللعب في الخارج وهذا حقه، فلن يتخلي عن فريقه القومي، وبما أن رئيس الفريق القومي حسن شحاتة رجل عاقل وليست له مصلحة غير مصلحة الفريق، فقد صرح بأن الحضري في الفريق القومي سواء احترف أم ظل في ناديه.. ولكن الجماهير انساقت مع إدارة النادي،
واتهمت الحضري بسرقة فرحة الانتصار.. وأنا في الحقيقة إلي الآن لم أفهم هذه العبارة.. يعني سرق الفرحة وراح بيها فين؟ ما هو عضو الفريق القومي زيه زي أي لاعب محترف، والفرحة بكأس الأمم تمت علي أكمل وجه وقعدنا أسبوع نهلل في الشارع والتليفزيون والصحافة ومجلس الشعب..
لكن كثرة الكلام والترديد والإلحاح الإعلامي، جعلت من موضوع الحضري شئاً عبثياً وهوساً عقلياً متأخراً، وأما ما زاد وغطي فهو مبالغة بعض صحف المعارضة والمزايدة علي موقف الرئيس مبارك الذي طلب تسوية موقف الحضري وإنهاء الأزمة وتحقيق رغبته في الاحتراف..
والهجوم علي الرئيس في هذا التدخل غير الرسمي، كان بحجج غريبة جداً، إذ كيف يتدخل الرئيس ونجله علاء مبارك لحل مشكلة الحضري، والتعدي علي اتحاد الكرة وإدارة النادي الأهلي؟ وقال آخرون إن في مصر مشاكل عديدة مثل مشكلة رغيف العيش وما يحدث في غزة من قتل الفلسطينيين.. يا سلام..!!
إذا كانت الصحف ليس لها عناوين صفحة أولي منذ أكثر من أسبوعين إلا الحضري وهروب الحضري وعقاب الحضري، حتي إن صحيفة لا أذكرها نشرت صورة له وزوجته وقالت: اتفضلوا شوفوا وكمان مراته خلعت الحجاب في سويسرا!!
وإذا كان التهديد والوعيد من الرابطة البلطجية وهتافات المحامي الشهير بسحب الجنسية المصرية، لم تقابل بأي رد عاقل من أي مسؤول فيكي يا بلد، وكاد الحضري أن يضرب بالأحذية في المطار من كثرة التوليع والتسخين، بينما يغط المسؤولون عن الكرة في نوم عميق، وعندما يتحدث الرئيس لإنهاء المشكلة، يكون تدخلاً في شؤون الكرة لا يقبله الشعب الكروي؟
يا سبحان الله.. منذ عامين اثنين كان جمال وعلاء مبارك متواجدين في تدريبات المنتخب قبل بطولة ٢٠٠٦، وكانت صورهما في كل الصحف والقنوات التليفزيونية، ولم يقل أحد: لماذا يهتم نجلا الرئيس بالكرة بل علي العكس، اكتسبا حب الجماهير الكروية، فهما أولاً وأخيراً شباب مصري يحب الكرة وتعضيدهما للفريق القومي يسعد اللاعبين والمدربين جداً..
ولكن يبدو أن بعض المعارضين لايزالون في طور المراهقة، لا يفرقون بين المواقف والقرارات السياسية، التي من الممكن أن تواجه بالنقد والمعارضة وبين المواقف الإنسانية التي لا تقع تحت بنود القانون ولا الدستور والمزايدة برغيف العيش، وفلسطين كلام قديم جداً..
وأظن أن السادة المزايدين يعرفون جيداً أن واقفي الطوابير هم أهم مشجعي الكرة، وإذا كنا سنتحدث عن أولويات، فلابد من إغلاق النوادي الرياضية والتليفزيون والسينمات والمسارح وقصور الثقافة وهيئة الكتاب، وسحب ميزانياتها وتحويلها إلي تدعيم الرغيف المصيلحي.. يا إخواننا كفاية.. مخنا ضرب.
كلام بعد المقال
أثبتت إدارة الأهلي قوة موقف الحضري...وذلك من خلال العقوبة بالغة الوهن التي أصدرتها
0 Comments:
Post a Comment
Subscribe to Post Comments [Atom]
<< Home