خواء...(قصة قصيرة من ترجمتي) منشورة في أخبار الأدب
تكّور، فأصبح عبارة عن كتلة آدمية. شبك يديه حول ساقيه، وأسند ذقنه على ركبتيه. عيناه معلقتان بلا شيء. فقدت أجفانه حركتها. سكنت أعضاؤه جميعها. فقد إحساسه بما حوله تماما، فلم يعد ينتمي إلى ما يحيطه. ندت منه آهة لم يعرف سببها، وكأنها أفاقته من غيبوبة لم يدر كم دامت؟ رفع رأسه قليلاً. تحركت عيناه في محجريهما بحذر تستطلع المكان. سرت في جسده قشعريرة لم يتبين إن كانت بسبب برد أصابها أم بسبب خوف اعتراه. بحذر أشد مد يده يتحسس الأرض. غاص كفه في الفراغ. أستخدم أطراف أصابعه مجساتٍ يتحسس هذا الفراغ. عجز عن معرفة حدود امتداد هذا الفراغ. نفس الشيء حدث عندما مد يده الأخرى. نقل بصره بسرعة إلى أسفل، فإذا بالظلام يسد عليه كل منافذ الرؤية. ارتجف جسده فسارع إلى أحاطته بذراعيه. لم يمس إلا اللحم. إنه عاري الصدر. أسرع بنقل كفيه إلى باقي جسده… لا شيء يستره. دفعه ارتباكه إلى أن يدفع بيديه إلى جانبيه يريد أن يستند عليهما كي يقف، ناسياً أن لا شيء يحيطه غير الفراغ. مد رجليه فإذا هما تسقطان في الفراغ. عجباً ، لكن مؤخرته تستند على أرضية. زاد ارتجاف أعضائه. تأكد هذه المرة إنها ارتجفت خوفاً. أصبح حيز تحركه محدوداً. لا يستطيع أن يقف، لا يرى، لا يسمع سوى صمت ثقيل. لم يكن إمامه غير أن يفكر، إن كان بإمكانه ذلك. لو أمكنه معرفة كيفية وصوله إلى هذا المكان.
أول شيء خطر على باله إنه يحلم. كيف يتأكد من أن كل هذا ليس حلماً؟ حرك يديه بسرعة في كل الاتجاهات وبالمديات التي يسمح بها وضعه، لا شيء سوى فراغ تام. حاول أن يرى، لا شيء سوى ظلام دامس. لم تُجد محاولاته المتكررة بيديه، ولم يهده تحريك رأسه عدة مرات وبمختلف الاتجاهات إلى بصيص من نور. تلمس جسده العاري. تأكد لديه بما لا يقبل الشك من إنه لا يحلم البتة!
أين هو؟ كيف جاء إلى هذا المكان؟ متى جاء؟ أين كان من قبل؟ لم يستطع إجابة كل هذه الأسئلة التي انهالت عليه. حاول أن يتذكر شيئاً من حياته قبل هذه اللحظة. أعياه التفكير. ما هذا؟ من هو؟ ما اسمه؟ ما شكله؟ لا يعرف الإجابة على هذه الأسئلة. أزداد خوفه. ترامى إلى مسامعه صوت اصطكاك أسنانه. خطرت فجأة في ذهنه فكرة الصراخ، علّ أحد يسمع صوته فيأتيه. أطلق صرخة، ثم أنتظر. لا أحد يرد عليه. أطلق صرخة أعلى. لا شيء. جمع شتات قوته وصبها في حنجرته مطلقاً صرخة مدوية أحس على أثرها إن أركان المكان ستنهار، إن كان له أركان، أو كان هناك مكان أصلاً! أصيب بخيبة أمل.
لم تنفعه الحركة، ولم يُجدِه الصراخ، ولم تسعفه الذاكرة، رغم إنه لم يأل جهداً. أينع في عقله سؤال (( إلى متى سيبقى هنا على هذا الحال؟ )). سيموت لا محالة إما جوعاً، أو عطشاً، ولربما إعياءً، أو لربما كمداً. لا بد أن يفعل شيئاً دفاعاً عن وجوده المحدود. إنه لم يعرف شيئاً بعد عن ذاته، حياته، ماضيه، حتى أسمه لا يعرفه. أشياء كثيرة لا بد أن يعرفها قبل أن يزوره الموت. كيف السبيل إلى كل هذه المعرفة وهو لا يملك من الحرية غير تحريك يديه ورأسه؟ أينتظر؟ انتبه إلى أن عقله مازال حراً! طالما هو يفكر فهو حر! يستطيع عقله أن ينتقل عبر الفراغ المحيط به. يستطيع أن يعبر هذا المكان. يستطيع أن ينفذ من هذه العتمة. يستطيع كل ذلك بعقله. إذن هو يمكنه أن يعرف الكثير، وإذا عرف يمكنه أن يفعل الأكثر.
أول شيء خطر على باله إنه يحلم. كيف يتأكد من أن كل هذا ليس حلماً؟ حرك يديه بسرعة في كل الاتجاهات وبالمديات التي يسمح بها وضعه، لا شيء سوى فراغ تام. حاول أن يرى، لا شيء سوى ظلام دامس. لم تُجد محاولاته المتكررة بيديه، ولم يهده تحريك رأسه عدة مرات وبمختلف الاتجاهات إلى بصيص من نور. تلمس جسده العاري. تأكد لديه بما لا يقبل الشك من إنه لا يحلم البتة!
أين هو؟ كيف جاء إلى هذا المكان؟ متى جاء؟ أين كان من قبل؟ لم يستطع إجابة كل هذه الأسئلة التي انهالت عليه. حاول أن يتذكر شيئاً من حياته قبل هذه اللحظة. أعياه التفكير. ما هذا؟ من هو؟ ما اسمه؟ ما شكله؟ لا يعرف الإجابة على هذه الأسئلة. أزداد خوفه. ترامى إلى مسامعه صوت اصطكاك أسنانه. خطرت فجأة في ذهنه فكرة الصراخ، علّ أحد يسمع صوته فيأتيه. أطلق صرخة، ثم أنتظر. لا أحد يرد عليه. أطلق صرخة أعلى. لا شيء. جمع شتات قوته وصبها في حنجرته مطلقاً صرخة مدوية أحس على أثرها إن أركان المكان ستنهار، إن كان له أركان، أو كان هناك مكان أصلاً! أصيب بخيبة أمل.
لم تنفعه الحركة، ولم يُجدِه الصراخ، ولم تسعفه الذاكرة، رغم إنه لم يأل جهداً. أينع في عقله سؤال (( إلى متى سيبقى هنا على هذا الحال؟ )). سيموت لا محالة إما جوعاً، أو عطشاً، ولربما إعياءً، أو لربما كمداً. لا بد أن يفعل شيئاً دفاعاً عن وجوده المحدود. إنه لم يعرف شيئاً بعد عن ذاته، حياته، ماضيه، حتى أسمه لا يعرفه. أشياء كثيرة لا بد أن يعرفها قبل أن يزوره الموت. كيف السبيل إلى كل هذه المعرفة وهو لا يملك من الحرية غير تحريك يديه ورأسه؟ أينتظر؟ انتبه إلى أن عقله مازال حراً! طالما هو يفكر فهو حر! يستطيع عقله أن ينتقل عبر الفراغ المحيط به. يستطيع أن يعبر هذا المكان. يستطيع أن ينفذ من هذه العتمة. يستطيع كل ذلك بعقله. إذن هو يمكنه أن يعرف الكثير، وإذا عرف يمكنه أن يفعل الأكثر.
0 Comments:
Post a Comment
Subscribe to Post Comments [Atom]
<< Home